مذكرات مصطفى محمود (1).. رحلة الشك تبدأ من صرصار!!

الثلاثاء، ٢٢ ديسمبر ٢٠٠٩ بواسطة كريم
اخيرا خرج راهب العلم عن سكوته، وتكلّم عن الصومعة التي نشأ فيها فخرج منها ذاك المفكر الثائر الشكاك لأقصى الحدود، ورغم ذلك مؤمن وموحد. د.مصطفى محمود يتحدّث عن نشأته ورحلته مع الشك، ووالده وإمام مسجده في مذكراته التي تظهر لأول مرة في وسائل الإعلام من خلال جريدة "المصري اليوم" التي توالى نشرها في حلقات تباعاً.
"ولد بيني وبين المرض صداقة، ويبدو أن ذلك يرجع إلى أنني ابن سبعة أشهر"


يتعرّض الأديب والمفكر والعالم مصطفى كمال محمود حسين آل محفوظ -هذا هو اسمه كاملا حيث يرجع نسبه للإمام علي بن أبي طالب- إلى بداياته الأولى ومولده في الـ20 من ديسمبر بقرية ميت خاقان بمدينة شبين الكوم بمحافظة المنوفية، ليفاجأ القرّاء بأن والده كان الزوج الثالث لأمه، وأن أمه كانت الزوجة الثالثة لوالده، وأنه لم يأتِ لهذه الدنيا وحيدا؛ بل جاء بصحبة توأم له اسمه سعد؛ ولكن الله لم يشأ أن يكون لمصطفى محمود شبيه فتوفي بعد ولادته بأسبوع فحسب، ومنذ اللحظة الأولى لاحظ مصطفى محمود أن جسمه لديه ألفة غير طبيعية مع المرض؛ فيصبح طريح الفراش مع أقل نزلة برد تصيبه، وهو الأمر الذي كان سببا في ألا يعيش حياة الأطفال من لعب ومرح، وانصب بدلا عن ذلك للقراءة وكانت هي هوايته.

"لقد كان أبي يمثل لي الكمال النادر"

وينتقل محمود لسرد مزيد من التفاصيل عن أهله وأسرته؛ وتحديدا والده الذي انتقل بهم إلى مدينة طنطا، ويؤكد محمود على أنه -أي والده- كان يكنّ له من الحب والمعزة الخاصة الكثير والكثير؛ لأنه -أي مصطفى محمود- كان آخر العنقود وكان دائما مريضا، وعلى الرغم من ضآلة مرتب والده، والذي لم يكن يتجاوز العشرين جنيه -كان يعمل محضرا، ثم تدرج لسكرتير بمديرية الغربية- إلا أنه كان يتبرّع بربعه للفقراء وما يتبقى كان يسمح لهم بحياة كريمة بأفضل أنواع الأطعمة، وهو الأمر الذي لا يجد له مصطفى محمود تفسيراً سوى أنها بركة الله التي حلت على هذه الأموال وكل ما يشتري بها.

طيب أخلاق والد مصطفى محمود شيء أكد عليه الأخير في أكثر من موضع بمذكراته؛ مدلالا على ذلك بقرار أبيه بضم أولاد زوجته من الأزواج الآخرين في بيت واحد ليصبح بيت العائلة يضم 9 أولاد؛ بخلاف شقيقه سعد الذي توفي، وكان من بين هؤلاء التسعة حسن محمود المحافظ السابق لمحافظة الدقهلية في فترة الستينيات.

ويتطرّق مصطفى محمود إلى مرحلة مؤثرة في حياة والده؛ ولكنها بالنسبة له كانت نموذجا للاقتداء؛ وتحديدا عندما تعرّض والده للمرض لمدة سبع سنوات كاملة ظل فيها طريح الفراش؛ ولكنه كان يؤدي الفروض على أكمل وجه. ولما تعرّض بعدها للنسيان بحكم الشيخوخة؛ لدرجة أنه كان ينسى عدد الركعات في كل فرض نصحه أصدقاؤه بجواز التوقف عن أداء الصلوات؛ فكان يضحك ويقول لهم: لا يمكن أن ترفع التكاليف أبداً، ويسأله عن عدد ركعات الفرض كلما نسيها.

"من يومها وقد أحسست أن هذا الشيخ نصّاب كبير، وبدأت أشك في كل شيء"

وفي هذا المنعطف يتطرّق مصطفى محمود إلى الأسباب التي أدت إلى زرع بذرة الشك في الدين بداخله، ولكنه سبق على ذكر ذلك بالتأكيد على الخلفية الدينية التي أحاطت طفولته؛ حيث سعى والده منذ البداية إلى إرساله إلى الكتاب، وواظب هو على أداء الصلوات في مسجد سيدي عز الرجال بطنطا، وتابع الدروس الدينية وحلقات الذكر حتى تعرّف على إمام المسجد الشيخ محمود الذي كان له بالغ الأثر في نفس مصطفى محمود وحبه للدين، ووثق فيه ذاك الأخير ثقة عمياء، وكان على استعداد أن يصدق كل ما يقول مهما كان؛ حتى كان ذلك اليوم الذي جلس فيه في إحدى حلقات العلم للشيخ محمود، وقال الأخير لهم ما نصه: شوفو يا ولاد أنا سأقول لكم على طريقة تقضون بها على الصراصير والحشرات الضارة في المنزل وهي طريقة دينية عظيمة جدا، وكل واحد يفتح الكراسة وسوف أملي عليكم هذه الطريقة العظيمة الجديدة (بعدما انتهى من سرد بعض الآيات والطلاسم) الصقوا هذه الورقة على الحائط وسوف تكتشفون أن الصراصير سوف تموت موتاً شنيعاً على هذه الطريقة الدينية العظيمة.

مصطفى محمود لم يكن يقبل مجرد التشكيك ولو بنسبة 1% في أي شيء يصدر عن الشيخ محمود؛ وعليه فعل ما طلب منه وعلّق الورقة؛ ولكن الصراصير لم تتراجع؛ بل ربما زادت واتخذت من هذه الورقة التي يوجد بها التعويذة ملجأ ومرتعاً لها، وهو الأمر الذي كما يقول مصطفى محمود عن أثره في نفسه: كانت هذه هي بذرة الشك التي زرعت في نفسي، وقد زرعها الشيخ محمود، وجعل الشك يعتريني في كل شيء.

"وجدت أن الفيزياء والكيمياء عاجزة عن تفسير الدين بينما كمال الأمر في القرآن"


ويتابع العلامة الدكتور مصطفى محمود متأملا: كيف يمكن لواعظ كهذا أن يؤثر في حياة ومسيرة إنسان كاملة؛ فبسبب معلومة جاهلة خاطئة تسبب في زرع بذرة الشك داخل قلبه، استمرت معه لفترات طويلة، ومتمنيا في الوقت ذاته أن يصبح الوعّاظ والدعاة على القدر المناسب من المسئولية فيما يقولون.

ولكن محمود لا يرجع السبب في بذرة الشك التي زرعت في قلبه إلى الشيخ محمود إمام مسجد سيدي عز الرجال فحسب؛ وإنما إلى طبيعته المختلفة والتي لا تقبل التفكير التقليدي والمسلم به في أي شيء، ويضرب لنا مثالاً على ذلك من حيث: كيف أنه أسس جمعية تسمى جمعية الكفار -عندما كان في الثانية عشر من عمره- بسبب خلافه مع إمام المسجد، ويضيف سببا آخر على ذلك، وهو الكتب التي تتمرد على الدين وقتها مثل كتب دارون وشيميل وغيرهم، وهي كلها أفكار كانت ثائرة على كل ما هو ديني، وترجع الأمور للمنطق والعقل؛ فانكب عليها بعد أن استهوته، وبدأ يفكر بالمثل ويتساءل: إذا كان الله هو خالق هذه الدنيا؛ لأنه لا بد لكل مصنوع أن يكون له صانع فمن أين إذن جاء الله؟ ولماذا لا نريح أنفسنا ونقول إن الدنيا نشأت بنفسها دون مساعدة؟

واستمر مصطفى محمود مثابرا على هذه الطريقة من التفكير حتى في تفسير الطبيعة، مستعيناً بالكيمياء والفيزياء؛ ولكنه وجد أنها عاجزة عن تفسير الحياة والموت فلجأ للفسلفة فوجدها في حاجة لفلسفة أخرى تعينها؛ فقرأ في الأديان السماوية وغير السماوية وانتهى إلى....

وجدت كمال الأمر في القرآن

انتظرونا في الحلقة الثانية من مذكرات مصطفى محمود،،،
تحت التسميات: | 0 تعليقات »

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يشجعنى على الاستمرار فلا تبخل.

اشترك ليصلك الجديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

اخر المواضيع


القرأن الكريم

TvQuran

���� ������'s Fan Box

غيبوبة جنون

بلغات اخرى

English French German Spain Italian Dutch

Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified
by : ghyboba

�����

Blog Archive

اخر التعليقات