مذكرات مصطفى محمود (11)

الخميس، ١ أبريل ٢٠١٠ بواسطة كريم
محمود: عرض عليّ زعيم القبيلة أن أتزوج أربعا من بناته
في هذا الجزء من مذكرات الراحل مصطفى محمود التي توالي جريدة المصري اليوم نشرها يتحدث مصطفى محمود عن الرحلات الكثيرة التي خاضها في حياته والبلاد العديدة التي زارها؛ مبينا أثرها على حياته وعلى فكره.

يؤكد الكاتب الراحل مصطفى محمود أنه لطالما حلم بأن يسير من القاهرة وحتى أقصى الجنوب بأفريقيا، وقد واتته الفرصة عندما تم اختياره ضمن الوفد المسافر لحضور المؤتمر الأفرو آسيوي بتنزانيا بصفته صحفياً بجريدة روزاليوسف.

مشاكل عدة جابهت محمود وكادت تعيقه عن السفر؛ على رأسها منعه من السفر بسبب تشابه اسمه مع اسم ضابط ممنوع من السفر، وعندما حُلّت هذه المشكلة جاءت مشكلة توفير العملة الصعبة، وأخيرا حُلّت المشكلة.

قد يفاجئ الجميع عندما يعلمون أن مصطفى محمود شرع بالفعل في تنفيذ حلمه بالعودة إلى القاهرة سيرا ورفض العودة مع البعثة العائدة، حتى ظنه الجميع مازحا.

قبائل نيام نيام العراة

عندما وصل مصطفى محمود إلى جنوب السودان شعر بحفاوة غير عادية من قبل أهل قبيلة نيام نيام الذين يقول عنهم مصطفى محمود: هناك عشت ثلاثة أشهر من أفضل أيام حياتي بين أبناء قبيلة "نم نم" أو "نيام نيام" التي يعيش أهلها عراة تماما إلا من ورقة توت.. استضافني زعيم القبيلة، وكان يجيد الإنجليزية لتعامله مع الاستعمار الإنجليزي، والغريب؛ بل الكارثة والفاجعة أنه كان متزوجا من خمسين سيدة يسكنون في خيام متجاورة، وعرض عليّ أن أتزوج أربعا من بناته، وعلى الفور أصابني الرعب من هذا المأزق ولم أستطع الخروج منه.. ماذا سأقول لزوجتي سامية في مصر "دي كانت تتجنن وتقتلني.."

فضحك زعيم القبيلة عندما سمع مني هذا الكلام، وأكد لي أن الرجل عندهم لا يعمل وغير ملزم بالإنفاق على المنزل أو الزوجة؛ ولكن المرأة هي التي تقوم بالعمل والإنفاق عليه، وكانت دهشتي بالغة حين رأيت بعيني الرجل فى هذه القبيلة يقتصر دوره على الجلوس تحت شجرة ليدخن ويأكل ويشرب؛ بينما نساؤه يعملن لتوفير كل متطلباته، ولم يكن غريباً ما سمعته وشاهدته بأن المرأة هي التي تطلب من زوجها أن يتزوج عليها لكي تجد من يساعدها في العمل، كما أن الجنس منتشر في هذه القبيلة بشكل كبير؛ فالمضاجعة دون زواج مباحة؛ ولكن بشرط ألا تحمل الفتاة؛ فإذا حملت تقدم هي وعشيقها أمام محكمة القبيلة وتكون الفضيحة والعار لها ولأبنائها من بعدها.

في الصحراء الكبرى الرجال منتقبون

هذه المرحلة من الرحلة يصفها مصطفى محمود بأنها كانت الأصعب، وفيها قابل أناساً يحفظون القرآن، وعندما يموتون يرفعون أصابعهم في إشارة إلى الله؛ ولكنهم رغم ذلك وثنيون.

وعن أكثر غرائب هذه القبيلة يقول مصطفى محمود: من غرائب هذه القبيلة أن الرجال فيها منقبون "ملثمون"، والنساء متبرجات، وهذا ما استوقفني كثيرا أفكر في الأمر؛ محاولا أن أجد تفسيرا منطقيا لما يفعلون، وسمعت الكثير، وكان ضمن ما سمعت أن الرجال دائما في الصحراء يسفون الرمال ولكن المرأة لاتخرج من بيتها؛ لكن اكتشفت أن ديانات هذه القبائل تعتبر الفم عورة لأنه مصدر خروج الخير والشر والرجال في الطوارق يفتخرون بأنهم ظلوا مع زوجاتهم طوال أربعين أو خمسين عاما ولم تر فمه أو تقول الزوجة: لقد عشت مع زوجي أربعين أو خمسين عاما ولم أر فمه.

عن حشرات غدامس القاتلة

أكثر ما أرعب مصطفى محمود لدى وصوله مدينة غدامس الليبية هو تلك الحشرات التي يمكن للسعة إحداها أن تميته فورا قبل أن يصل للمستشفى التي تبعد عدة كيلومترات عن المدينة؛ في حين لا يوجد بالمدينة ككل سوى فندق واحد سبق وسكنته صوفيا لورين أيام تصوير فيلم الخيمة السوداء.

أما في الهند؛ فكان لرجل روحاني هندي تأثير كبير على فكر مصطفى محمود؛ فرغم أن هذا الرجل عاش طفلا مدلالا في أحد القصور الهندية وتعلم مع أبناء الملوك في إنجلترا؛ إلا أنه عاد إلى الهند، وقرر أن يهيم على وجهه في وسط الكهوف؛ فتأكد بعدها محمود أن السماء بجوار الله أفضل من الحياة  بالقرب من الناس.

الدعارة في ألمانيا للسياح فقط

استعجب مصطفى محمود كثيرا من طول فترة بقائه في ألمانيا؛ ولكنه رغم ذلك لم يرَ ويسمع غير الورش والمصانع؛ فسأل أحد أصدقائه أن يرشده إلى أي من الملاهي فساقه إلى أحد الكباريهات التي ليست ككباريهاتنا؛ فبها عجائز وموسيقى هادئة فحسب؛ ولكن مع الوقت اكتشف مصطفى محمود وجود شارع مخصص للسائحين الأجانب به بائعات الهوى.

ويقول عن هذا مصطفى محمود: عرفت أنني لا أتفرج على ألمانيا بل أتفرج على نفسي وعلى الصورة التي في ذهن الألمان عني وعن السياح.

وعن أطرف المواقف التي قابلت مصطفى محمود في هامبورج؛ وتحديدا بالفندق يقول: عندما فتحت باب الغرفة كانت خاوية تماما ولا يوجد بها سرير، وغضبت جدا؛ فقد كنت منهكاً من السفر وأريد النوم، وإذا لم تكن هذه غرفتي فسيكون هناك وقت حتى أنتقل إلى الغرفة الجديدة، أو سأنتظر حتى يفرشوا هذه الغرفة، وبسرعة بحثت عن الخادم وعندما جاء أبديت له دهشتي من معاملتهم للسياح في ألمانيا.. أتعطونني غرفة فارغة هل سأنام على الأرض وأصاب بالتهاب رئوي وبرد..

وابتسم الرجل ونظر إلى شعري الأكرت، ثم اتجه إلى زر في الحائط وضغط عليه فخرج سرير كامل المعدات من داخل الحائط، واتجه إلى اليمين وضغط على زر آخر فخرجت كنبة، وشد حبلا في الخلف فخرج مصباح وكتب وكرسي ومائدة عليها راديو وتليفون ونوتة مذكرات وإعلانات وهدايا، وشعرت بالخجل من جهلي بالتكنولوجيا الحديثة -وأنا كاتب وروائي- أمام خادم ألماني.

اختتم محمود حديثه عن ذكرياته حول العالم بمدينة روما بإيطاليا بكنائسها وفنها الرائع؛ مؤكدا أنه تأكد أن التمثال الفرعوني يبدو من أي زاوية تمثال جميل الشكل أما التمثال الروماني فيبدو من بعيد لعبكة نظرا لكثرة تفاصيله.
محمود: عرض عليّ زعيم القبيلة أن أتزوج أربعا من بناته
 
 
تحت التسميات: | 0 تعليقات »

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يشجعنى على الاستمرار فلا تبخل.

اشترك ليصلك الجديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

اخر المواضيع


القرأن الكريم

TvQuran

���� ������'s Fan Box

غيبوبة جنون

بلغات اخرى

English French German Spain Italian Dutch

Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified
by : ghyboba

�����

Blog Archive

اخر التعليقات