البتاعة فى البلد اللى مفهاش ساعة

الثلاثاء، ٢٤ أغسطس ٢٠١٠ بواسطة كريم
بمجرد ظهور مسلسل "الجماعة" انبرى قسم كبير من الكتّاب والمثقفين في استعادة وجه شرس من الهجوم على الإخوان، فيمسلسل الجماعة.. ومستنقع التحيّز
مسلسل الجماعة.. ومستنقع التحيّز
مشهد منحاز بقوة منفّرة، ورأيت أقلاماً احترمتها طيلة عمري وقد سقطت في مستنقع التحيّز والتحزّب والتشدد والتخندق ضد جزء واضح من الحقيقة، متمسكين بوجه واحد من العملة بصورة لا مبرر لها إلا الرغبة في الاتهام دون النظر إلى حق الآخر في الدفاع..

من ذلك ما نشره الدكتور خالد منتصر الجمعة الماضية تحت عنوان "وحيد حامد.. الفن قبل السياسة" فلم أجد فيه فناً إلا فنّ التحزّب والتهجّم، ولم أجد سياسة إلا سياسة الادّعاء والإنكار والإغضاء عن شمس النهار، وإن كنت أتمنى لو كان قلم الدكتور خالد منتصر أكثر حيادية وتوازناً كما عرفناه دائماً؛ ولكن تعصبه في رأيه هو ما أعطاني مبرراً للرد من أجل العثور على خط الحياد قبل أن تمحوه أقدام المتعصّبين..

منذ أن صرّح وحيد حامد بأنه يكتب عملاً عن جماعة الإخوان المسلمين، قامت عاصفة إخوانية عاتية، وهو ما أثار انتباهي؛ حيث إني لا أجد الإخوان غالباً يثورون على هجوم الآخرين ضدهم أو يردّون على اتهامات المختلفين معهم، كما يحدث عادة في معظم المواقف الخلافية، وهو ما جعلني أتساءل.. لماذا يتخلى الإخوان عن منهج "القافلة تسير".. وتوصلت في النهاية إلى أن الأمر لا يتعلق بمجرد سُبّة وهتعدي، أو شتمة وهتلزق في صاحبها كما هي العادة؛ ولكننا في هذا العمل إزاء منهج مختلف في توقيت مختلف..

أولاً بالنسبة للمسلسل نفسه: فالمسلسل بالتأكيد سيحظى باهتمام إعلامي وسيكون "فرخة بكشك" بالنسبة للمختلفين مع الإخوان، وسيحظى بنسبة عرض عالية جداً لا يمكن مقاومتها، في حين سيصبح حق الرد "مقفول"، كظاهرة طبيعية جداً لليبرالية وحرية التعبير والرأي والرأي الآخر وغيرها من الشعارات التي يتبناها التنويريون في عالمنا الجعجاع..

وبالنسبة لكاتبه؛ فالمعروف عن وحيد حامد أنه شخص غير محايد، ويتلاعب بمهارة فائقة بالأحداث، ومن الخطير ومن غير الإنصاف أن تتاح له الفرصة لينفرد بوجهة نظر وحيدة..

وبالنسبة لتوقيت عرض المسلسل فهو توقيت خاطئ تماماً؛ حيث إننا نشهد طفرة حقيقية في الجماعة؛ فعلى الصعيد الخارجي نجد اندماج الإخوان مع الشارع، وتعاطيهم مع قوى المعارضة الأخرى، وتفاعلهم مع الواقع السياسي والاجتماعي، وعلى الصعيد الداخلي نجد تجاوباً مع التعديل والتطوير، من جماعة منغلقة إلى جماعة منفتحة.. من فكر قديم إلى فكر مرن متوازن معتدل.. من أسلوب خطاب قديم أصولي إلى خطاب مفتوح متفاعل.. كما أن اختيار توقيت عرض المسلسل قبيل انتخابات مجلس الشعب لَيفضح شيئاً من التآمر على سمعة الإخوان وهو ما يستحق الرد..

وهذا الرد لا يستوجب بالضرورة كوني مؤيداً أو مخالفاً لمنهج الإخوان؛ ولكنه مجرّد عرض لوجهة نظر ربما لن تحظى بفرصة عرض كبيرة، ولكن الحق يقتضي أن يكون النقد متوازناً، ويحتفظ كل رأي بنفس الفرصة والمساحة في عرض رأيه وموقفه.

وبمجرد بدء عرض المسلسل بدأت موجة محمومة من الصداع المزمن والاتهامات القديمة..
ما الخطر الذي يمثله الإخوان على مجتمعنا المصري؟ وما الضرورة التي تستوجب استئصال هذا الكيان "السرطاني" من بيننا على حد قولهم؟؟ ألا يرون أن كيانات سرطانية كثيرة أولى بالاستئصال؟

اتهموا الإخوان بقتل النقراشي، والثابت في سجلات التاريخ أن الإخوان تبرءوا من قتلة النقراشي، ويبقى بيان حسن البنا وثيقة شاهدة لليوم بأن من فعلوا ذلك "ليسوا إخواناً ولا مسلمين".. ويُلصقون بالإخوان اغتيال الرئيس السادات، وهي تهمة تلصق بصاحبها صفة الادّعاء، فلم يثبت مطلقاً أي صلة للإخوان باغتيال السادات، وليس اتهمامهم بأنهم وراء قتل فرج فودة بأقل جهلاً وادّعاء..

اتهموا الإخوان أنهم كانوا العباءة التي أفرخت التنظيمات المسلّحة وجماعات العنف، ولست أدري كيف تُقلب الحقائق بهذا التزييف السافر؛ حيث إن ما يُحسب للإخوان نعمةً على هذا الوطن أنهم بثوا فيه روح الاعتدال ومنهج الوسطية، وأحسنوا تقديم الفكر الإسلامي المعتدل، ويقفون بقوة في وجه موجات التشدد والتزمّت وتصدير خطاب لا يناسب طبيعة البيئة المصرية، وينقلون صورة مرنة متفاهمة متجاوبة مع الواقع المصري، ولم يتشددوا في الأحكام، ولم يكفّروا أحداً، ولم يهاجموا فكراً، ولم يصطدموا مع أي محاور؛ بل فتحوا قلوبهم وأياديهم -وحتى اليوم- مع كل طالب إصلاح، يقول الأستاذ حسن البنا: "نحن جماعة من المسلمين ولسنا جماعة المسلمين"، ويقول: "نريد أن نُحكم بشرع الله لا أن نَحكم بشرع الله".. ويقول: "كم معنا وليس منا، وكم منا وليس معنا"..

وقدّم الأستاذ حسن البنا نهجاً يعتمد على "الفهم"؛ فكان أول داعية في العصر الحديث يبني أصوله على: الفهم ثم الإخلاص ثم العمل ثم الجهاد..

يتساءلون عن تمويل الإخوان كمحاولة لطعن الجماعة التي يشهد بشرفها كل المنصفين، ولم يسمعوا الأستاذ حسن البنا وهو يقول: "أنا غني؛ لأن كل ما في جيوب الإخوان ملك للدعوة"، و"خزائن الإخوان جيوب الإخوان"، وهي نظرية ربما لا يفهمها الماديون ذوو الكروش المنتفخة من التربّح بالهتاف والنظريات، أن توجد نماذج تعتبر ما في جيوبها ملكاً لفكرة لا ملكاً لبطن، وديعة لمنهج لا لملبس ومسكن، وأنا أعذرهم في هذا، وأؤكد لهم أن هناك الكثير مما ستفاجئهم به الأيام.

ما الخطر الذي يمثله الإخوان على مجتمعنا المصري؟ وما الضرورة التي تستوجب استئصال هذا الكيان "السرطاني" من بيننا على حد قولهم؟؟ ألا يرون أن كيانات سرطانية كثيرة أولى بالاستئصال؟

أرى أن الإخوان المسلمين أصبحوا جماعة "إسلامية مصرية عصرية"، تحظى باحترام عالمي يُحسب لمصر، ويحفظ لها مكانة محترمة، ومهابة فشل في الحفاظ عليها كثير من المؤسسات التاريخية.. ولهذا فإن الهجوم على الإخوان في مثل هذا التوقيت، وفتح دفاتر أكلتها "العتة"، والاستشهاد بتاريخ غلب عليه الزيف، وضاعت فيه الحقائق تحت أقدام المشوّهين والمنتفعين، لا يمثّل مصلحة لأي طرف، وإذكاءً للخلاف، وتوريطاً لعوامّ الناس في صراع غير متكافئ..

أما عن المسلسل الذي سيردّ به الإخوان على مسلسل "الجماعة" وهو المسلسل الذي حكم الدكتور خالد منتصر عليه قبل أن يراه أنه سيكون "مسلسلاً كوميدياً"؛ بل تمادى للقول بأن "الإخوان لم ولن يكون من بينهم فنان يستطيع صياغة عمل فني بوزن مسلسل الجماعة أو حتى عمل فني بوزن الريشة"؛ فأنا أدعو الإخوان أن يعودوا لسابق نهجهم في التجاهل وترك القافلة تسير.. لأنه يبدو أن الآخر ليس مستعداً لأية بادرة من تفاهم، وشعاراته الليبرالية تتلاشى دائماً حين يكون أي ممثل للإسلام هو الجالس على الطرف الآخر من المائدة.
تحت التسميات: | 1 Comment »

1 التعليقات:

كريم يقول...

اياد نصار ممثل يستحق الاحترام

إرسال تعليق

تعليقك يشجعنى على الاستمرار فلا تبخل.

اشترك ليصلك الجديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

اخر المواضيع


القرأن الكريم

TvQuran

���� ������'s Fan Box

غيبوبة جنون

بلغات اخرى

English French German Spain Italian Dutch

Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified
by : ghyboba

�����

Blog Archive

اخر التعليقات