على قد الشوك

الأحد، ٢٠ ديسمبر ٢٠٠٩ بواسطة كريم
أعرف أن الملك هنري ملك فرنسا كان رقيقًا لدرجة تجعله يأنف من أن يمسك الطعام بيديه فاخترع له مهرج القصر
«الشوكة» فأصبح هو أول من استخدمها، لكنني لا أعرف من الذي جعل الأتيكيت (أن يمسك الشخص الشوكة بيسراه ليلتهم بها الطعام )، أغلب الظن أنه ليس مسلمًا وبالتالي فهو لا يعرف وصية النبي «كُل بيمينك»، والموضوع ليس له علاقة بالديانات، فالشيطان عابر للأديان والثابت في مخيلتنا أن عُدة عمل الشيطان هي الشوكة ومع ذلك فقد أصبحت دليلاً علي أنك تجلس إلي مائدة طعام راقية مجبرًا علي التهام طعامك بيسراك حتي لا تهتز صورتك أمام الآخرين، القنفذ أيضًا يحافظ علي صورته باستخدام الشوك، لكن القنفذ لا يستخدم شوكة واحدة بيسراه بل يتكور ككتلة من الشوك مستفيدًا من الفرق الرئيسي بينه وبين الإنسان وهو أنه دون رقبة، أشواك القنفذ قصيرة وغير حادة لكنه يحكم إغلاق سترته بشكل قد يقود ثعبانًا ضخمًا إلي الجنون إذا ما التقط القنفذ طرف ذيل الثعبان وأغلق عليه سترة الشوك، لم يستفد القنفذ شيئًا من وجوده مع الإنسان علي كوكب واحد لكن الإنسان استفاد كثيرًا إذ تعلم من القنفذ نظرية جديدة في الحماية اسمها (الأسلاك الشائكة).

أنا متأكد تمامًا من أن الشوك يحمي القنفذ مثلما يحمي الصبار الذي حكم عليه القدر أن ينمو في مناطق صحراوية عرضة للفئران الجبلية التي قد تلتهم عروق الخشب لكنها لا تقوي علي الاقتراب من الصبار وثماره التي يجمعها الصبية ويقشرونها لك بمنتهي السهولة علي الكورنيش لتلتهمها وأنت متحرر من أهمية استخدام الشوكة، لكنني لا أستطيع أن أحدد العلاقة بين الورد والشوك، ولا أعرف هل ظهر الشوك في مرحلة لاحقة ليحمي الوردة أم أن الشوك هو الأصل والوردة مجرد كمين؟

لا توجد حقيقة ثابتة بخلاف أن النخاع الشوكي لا يوجد به أي شوك لكنه مسئول عن أن يجعلك تشعر بالألم عندما تدخل شوكة في قدمك ينبهك إلي خطورة الإمساك بقنفذ أو خوض تجربة تقشير حبة تين شوكي بنفسك بخلاف أنه يعطي أمرًا مباشرًا للمخ يجعلك عندما تري شوكة علي المائدة تلتقطها بيسراك، لكنه لا يستطيع أن ينبهك إلي تسلل ديدان البلهارسيا إلي معدتك، تلك الديدان التي قد تعتقد أنه يسهل التخلص منها مع الفضلات أو عبر الأدوية الملينة رزقها الله شوكتين تغرزهما في جدار المعدة لتتشبث بها ومع كل حركة لها بالداخل يحدث النزيف المعروف.

يلعب الشوك دورًا في المظهر والجوهر والدفاع عن النفس والفلسفة والدفء أحيانًا، فلا يوجد باعث علي الدفء في العالم كله أقوي من أشواك أرخص بطانية في العالم، بطانية (صوف العسكري)، وهي تصلح للعزاب أكثر من المتزوجين، فالزوجة يكفيها شوك زوجها الكسول الذي نادرًا ما يحترم شكواها (دقنك بتشوكني).

هذه الزوجة التي تشكو من أشواك ذقن زوجها لا تعرف طعم ألم تاج الشوك القاسي الذي زيّن رأس السيد المسيح (هذا التاج الذي تحرك من القدس إلي القسطنطينية إلي فرنسا ويستقر الآن في كاتدرائية نوتردام بعد أن فقد الكثير من أشواكه)، لكن هذه الزوجة من المؤكد أنها تعرف عبد الحليم حافظ، وأنا هنا لا أتحدث عن حليم الذي (مشي علي الأشواك لحد أحبابه.. لا عرفوا إيه وداه ولا عرفوا إيه جابه) وهي كلمات الأبنودي، لكنني أتحدث عن حليم الذي مشي علي الأشواك وجعلته أشواك البلهارسيا ينزف بقوة، وفي إحدي نوبات النزيف كان يقف علي واحد من أهم مسارح لندن ليقدم لأول مرة أغنية وطنية من كلمات الأبنودي أيضًا عن القدس وعن تاج المسيح قائلاً: (تاج الشوك فوق جبينه وفوق كتفه الصليب... دلوقتي يا قُدس ابنك زي المسيح غريب).. وهذه شوكة أخري.


تحت التسميات: | 0 تعليقات »

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يشجعنى على الاستمرار فلا تبخل.

اشترك ليصلك الجديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

اخر المواضيع


القرأن الكريم

TvQuran

���� ������'s Fan Box

غيبوبة جنون

بلغات اخرى

English French German Spain Italian Dutch

Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified
by : ghyboba

�����

Blog Archive

اخر التعليقات