وجهة نظر مشغل الاسطوانات

الأحد، ٢٠ ديسمبر ٢٠٠٩ بواسطة كريم
اسمه حسب قواعد مجمع اللغة العربية «مشغل الأسطوانات» لكن العامة يعرفونه باسم الـ «دي جيه»، وهي مهنة انتشرت في مصر خلال السنوات العشر الماضية في الفترة نفسها التي بدأ فيها انهيار الذوق الموسيقي، وأرجوك لا تعتبر هذا ربطًا بين الحدثين، فعندما غني عبدالوهاب «تراعيني قيراط أراعيك قيراطين» وغني فريد الأطرش «فيه مغناطيس في طلعتك» وغنت شادية «شي يا حماري» لم يكن هناك «دي جيه» بل إن هذه الأغاني لم يعتبرها أحد انهيارًا في الذوق مثل «بوس الواوا» لأن الأغاني المذكورة أولاً تنتمي إلي زمن الفن الجميل ولكن الأغاني المذكورة مؤخرًا تنتمي إلي زمن مشغل الأسطوانات.
قوبلت مهنة الـ «دي جيه» في بداياتها بترحيب كبير من قبل أهالي العروسين والمدعوين، وجود الـ «دي جيه» كان يعني إرضاء جميع الأذواق الموسيقية والاستماع إلي كل أغنيات مطربي العالم بخلاف أن وجود الـ «دي جيه» بالنسبة لميزانية الفرح كان أشبه بوجود بند اللمبات الموفرة في بند ميزانية البيت.
كان مشغل الأسطوانات في بداية عمله خجولاً ومنسحقًا أمام رغبات الجماهير، حقيقي أنه كان قائد سيارة السباق لكن الجماهير كانت هي الملاح، يُطلب منه حاجة شعبي فيخرج من جعبته أسطوانة بها (شيك شاك شوك أو البت كيتي)، يطلب منه حاجة ناعمة ليرقص عليها العروسان فيخرج أسطوانة بها (ضميني وانسي الدنيا)، تطلب منه والدة العريس أغنية تذكرها بشبابها فيخرج أسطوانة بها أغنية «أم البطل»، وفي كل الأحوال كان لابد أن يبدأ الفرح بأسماء الله الحسني لهشام عباس، وعند تقطيع التورتة لابد أن يلعب تملي معاك وهكذا كانت تسير الأمور.
بعد أن أصبحت المهنة معتمدة من قبل الجمهور وأصبح عليها طلب قلل بدوره الطلب علي المطربين اللحم ودم، دخلت المهنة في فلسفة جديدة، أصبحت هناك مدرسة الـ «دي جيه» التي تصاحبها فرقة استعراضية ترقص حولها إذا كانت الفرقة من الروسيات أو ترقص حول العريس إذا كانت الفرقة ترتدي أزياء نوبية، ومدرسة عرض الليزر والدخان المصحوب بإيقاعات صاخبة لا تجعل أحدًا يرقص سوي الـ «دي جيه» نفسه، ومدرسة الـ «دي جيه» الذي يلعب دور نبطشي الفرح (وهو الشخص الذي يقوم بتسخين الفرح في الأحياء الشعبية) فيظل ينادي علي أصحاب العريس والعروسة ولا يتخلي عن المايك طوال الفرح حتي يستطيع أن يوجه العروسين (امتي يرقصوا وامتي يقعدوا وامتي نعمل دايرة حواليهم وامتي نعمل قطر نلف بيه القاعة وامتي نقطع التورته وهكذا).
اكتسب الـ «دي جيه» ثقة كبيرة في نفسه بعد أن أصبحت هناك حفلات تقام بأسماء المشاهير منهم، الأمر الذي أفقد جماهير الأفراح القدرة علي السيطرة علي الـ «دي جيه»، فالـ «دي جيه» أصبح يراها الآن مسألة كرامة ولا يسمح لأحد بالتدخل في اختياراته فهو المسئول الأول والأخير عنها، ليس من حقك أن تطلب منه الأغنية التي تحبها حتي ترقص علي أنغامها مجاملة للعروسين، بل إنك ستكون محظوظًا إذا استمعت أساسًا إلي أغنية واحدة تحبها طوال الفرح، وأصبحت هناك نسخة أخري من حديث عواجيز الفرح اللواتي يتسلين بمساوئ العروسين، اسمها نسخة شباب الفرح الذين يقضون الليلة كلها ناقمين علي الـ «دي جيه» الذي يقود الفرح من وجهة نظره الشخصية جدًا والتي ستؤدي يومًا ما إلي عودة المطربين إلي قاعات الأفراح أيًا كان الثمن.
تحت التسميات: | 0 تعليقات »

0 التعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يشجعنى على الاستمرار فلا تبخل.

اشترك ليصلك الجديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

اخر المواضيع


القرأن الكريم

TvQuran

���� ������'s Fan Box

غيبوبة جنون

بلغات اخرى

English French German Spain Italian Dutch

Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified
by : ghyboba

�����

Blog Archive

اخر التعليقات