اقتل تسعة تتسجن 10 ... واقتل الف تسافر لندن

الثلاثاء، ٣ أغسطس ٢٠١٠ بواسطة كريم
هذه هي مصر، وهذا هو أحد أهم أسباب النكبة التي تعيشها تلك المسكينة التي كانوا يسمّونها أمّ الدنيا، فأصبحت أمّ الكوارث وأمّ الفساد، وأمّ العجز والتردي..

وطن تاه فيه العدل في سراديب البيت المعمور الذي تزاوج فيه المال بالسلطة..
وطن يعاني الصمت العاجز الذي تحوّل بفعل ميراث الأجيال إلى نوع من الخرس المقيت..
وطن مسجون في مساحة كبيرة تحيطه أسلاك شائكة من المحسوبية والسرقة والفساد..

لقد شاهدت صورة ذلك المراكبي الذي تسبّب في موت تسعة أفراد كانوا في نزهة نيلية.. شاب لا يتجاوز عمره بضعة وعشرين عاما.. يقف مذهولا وحوله رجال الشرطة يحيطون به من كل مكان..


هنا، تذكرت على الفور صورة ممدوح إسماعيل، الذي تسببت عبّارته في مقتل أكثر من ألف مواطن مصري، وظل يماطل ويماطل، وظلت القضية تتداولها المحاكم المصرية حتى خرج الرجل من صالة كبار الزوار متوّجاً بتاج كرامة المحسوبية والفساد، ذاهبا ليجلس على أريكة ممدّدة بأحد قصور لندن..

هذا هو عين الفساد.. وهذا هو عين الهلاك لهذا الوطن..
شاب لم يجد عملا سوى أن يقود هذا المركب، أخطأ كما يخطئ الجميع، ولكنه خطأ جسيم، لاحظ أنني لا أجد له تبريرا بل أرسم صورة للحدث.. طمع كما نطمع كلنا في المزيد من الرزق، حمولة زائدة كرّرها قبل ذلك كثيرا ومشيت الدنيا -هكذا فكّر- وربك الستار، ولكن شاءت الأقدار أن تتسرب المياه وتغرق المركب فيموت تسعة أفراد..

أخطأ؟ نعم، عوقب على خطئه؟ نعم، هل في عقابه مبالغة؟ لا أعتقد؛ فهو يعمل في مهنة يكون فيها مسئولا عن حياة بشر.. ما المشكلة إذن؟
المشكلة على الجانب الآخر يا سيدي..
حيث يقف رجل ملياردير تسبب في قتل ما يزيد على ألف مواطن مصري..
ثم لم يلتفّ حوله رجال الشرطة كما تراهم ملتفين حول هذا الشاب المسكين..

رجل كان يدخل النيابة بسطوته وعزّه وحوله المحامون وتسبقه تليفونات أهل السلطة الفاسدة؛ ليحسنوا معاملته ولا يحمّلوه فوق طاقته..

ثم يأتي المشهد على هذا الشاب الذي تسبب في موت تسعة أفراد.. وقد حُكم عليه بالحبس مع الشغل لمدة 10 سنوات..


أما السيد ممدوح إسماعيل فقد وصل إلى لندن ورتّب حياته وعاش أوقاته، وبعدها بكتييييييييير صدر عليه الحكم بالسجن لمدة سبع سنوات مع الشغل..

طبعا كلنا نتذكر أن السيد ممدوح إسماعيل كان عضوا معينا بمجلس الشورى، وقد تأخّر رفع الحصانة عنه، ولم يصدر الحكم وهو على الأراضي المصرية.. مما جعل الكثيرين يتهمون شخصيات ذات نفوذ بتسهيل هروبه هو ونجله إلى لندن.

نظرة واحدة إلى صورة هذا الشاب وحوله الرجال الأشداء من الشرطة وهم يحيطونه ليأخذوه من التخشيبة إلى السجن..
ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير؛ حيث ستشاهد صورة أخرى لرجال الشرطة وهم يحيطون السيد ممدوح إسماعيل كحراس له ليخرجوه من الوطن إلى لندن، محملا بعار الفساد الذي أخرجه من تحت يد العدالة..

فصلاة ربي وسلامه عليك يا سيدي يا رسول الله، يا من حذّرتنا من أن نصل إلى ما وصلت إليه بلادنا من ظلم مهلك فقلت:
"إنما أهلك الذين كانوا قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف -صاحب المكانة العالية- تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد"، هذه هي الصورة التي رسمها النبي للفساد المهلك للأمم، فكوِّن معي الصورة التالية:


المركب الغارق وأمامه العبارة الغارقة..


المراكبي الضائع.. وممدوح اسماعيل الهارب..

الشرطة وهي تسوق هذا للسجن.. والشرطة وهي تحرس هذا ليخرج مسافرا إلى لندن..

الشاب في زنزانته يبكي حظه ويسأل الله العون.. وممدوح إسماعيل وهو يسقي الزهور في حديقة الفيلا بلندن مستقبلا نهاره بقراءة أخبار البورصة..

أما مصر.. فكأنها تجلس في وحدتها تبكي حظها العثر، وتشتكي إلى الله من الظالمين ومن المظلومين معا.
تحت التسميات: | 1 Comment »

1 التعليقات:

غير معرف يقول...

دوله الظلم ساعه
ودوله الحق الي قيام الساعه

إرسال تعليق

تعليقك يشجعنى على الاستمرار فلا تبخل.

اشترك ليصلك الجديد

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner

اخر المواضيع


القرأن الكريم

TvQuran

���� ������'s Fan Box

غيبوبة جنون

بلغات اخرى

English French German Spain Italian Dutch

Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified
by : ghyboba

�����

Blog Archive

اخر التعليقات